الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس قال: القمل الدباء.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، قال: كانت الضفادع بريّة، فلما أرسلها الله على آل فرعون سمعت وأطاعت، فجعلت تقذف نفسها في القدر وهي تغلي، وفي التنانير وهي تفور.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، قال: سال النيل دمًا، فكان الإسرائيلي يستقي ماء طيبًا، ويستقي الفرعوني دمًا، ويشتركان في إناء واحد، فيكون ما يلي الإسرائيلي ماء طيبًا وما يلي الفرعوني دمًا.وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن زيد بن أسلم، في قوله: {والدم} قال: سلط الله عليهم الرعاف.وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: مكث موسى في آل فرعون بعدما غلب السحرة أربعين سنة، يريهم الآيات، والجراد، والقمل والضفادع.وأخرج ابن أبي حاتم، عنه في قوله: {آيَاتٍ مّفَصَّلاَت} قال: كانت آيات مفصلات يتبع بعضها بعضًا ليكون لله الحجة عليهم.وأخرج ابن المنذر، عنه، قال: يتبع بعضها بعضًا تمكث فيهم سبتًا إلى سبت، ثم ترفع عنهم شهرًا.وأخرج ابن مردويه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرجز: العذاب» وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: الرجز الطاعون.وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس في قوله: {إلى أَجَلٍ هُم بالغوه} قال: الغرق.وأخرج ابن أبي حاتم، من طرق، عن ابن عباس قال: اليم البحر.وأخرج أيضًا عن السديّ مثله. اهـ.
.فوائد لغوية وإعرابية: قال ابن عادل:قوله: {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ} هذه الفاءُ سببيَّة، أيْ: تَسَبَّب عن النَّكْثِ الانتقامُ ثم إن أريد بالانتقام نَفْسُ الإغْراق، فالفاءُ الثَّانية مُفَسِّرةٌ عند مَنْ يُثْبِتُ لها ذلك وإلاَّ كان التقدير: فَأرَدْنَا الانتقام، والانتقام في اللُّغَةِ: سلب النعمة بالعذابِ.و{في اليمِّ} متعلق بـ {أغْرَقْنَاهُم}، واليَمّ: البحر، والمشهور أنَّهُ عربيّ.قال ذو الرُّمَّة: [البسيط]وقال ابْنُ قتيبةَ: أنَّه البَحْرُ بالسُّريانِيَّةِ.وقيل: بالعبرانيَّة.والمشهور أنه لا يتقيَّد ببحر خاص قال الزمخشري: اليَمّ: البحرُ الذي لا يُدْرَكُ قعره.وقيل: هو لُجَّة البحر ومعظم مائه.وقال الهروِيُّ- في غريبيه-: واليَمُّ: البَحْرُ الذي يقالُ له: إسَافٌ وفيه غَرِقَ فرعونُ.وهذا ليس بجيد، لقوله تعالى: {فَأَلْقِيهِ فِي اليم} [القصص: 7] والمرادُ: نيلُ مِصْرَ، وهو غيرُ الذي غَرِق فيه فرعون.فصل:قيل: واشتقاقه من التيمم، وهو القصد، لأنَّ النَّاسَ يقصدونه.قوله: {بِأنَّهُمْ} الباء للسببيّة، أي: أغْرَقْنَاهم بسببِ تكذيبهم بآياتِنَا، وكونهم عَنْهَا غافلين، أي: غَافِلينَ عن آياتنا، فالضَّمِيرُ في عَنْهَا يعودُ على الآيات، وهذا هو الظَّاهِرُ.وبه قال الزَّجَّاجُ وغيره.وقيل: يجوزُ أن يعود على النِّقْمَةِ المدلولِ عليها بـ {انتَقَمْنَا} ويُعْزَى هذا لابن عباس، وكأن القائل بذلك تَخَيَّلَ انَّ الغفلةَ عن الآيات عُذْرٌ لَهُم من حيثُ إنَّ الغفلة ليست من كسب الإنسان.وقال الجمهور: إنَّهم تَعَاطَوْا أسبابَ الغَفْلَة، فَذُمّوا عليها، كما يُذَمُّ الناسى على نِسْيَانه لتعاطيه أسبابه. اهـ. .من لطائف وفوائد المفسرين: من لطائف القشيري في الآيتين:قال عليه الرحمة:{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}.أبرزوا العهد ثم نقضوه، وقدموا العهد ثم رفضوه، وكما قيل:. اهـ. .تفسير الآية رقم (137): قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}.مناسبة الآية لما قبلها: قال البقاعي:ولما أخبر عن إهلاكهم، عطف عليه ما صنع ببني إسرائيل فقال: {وأورثنا} أي بعد إهلاكهم بما لنا من العظمة {القوم} ولما اشار بهذه العبارة- التي معناها أنه كانت فيهم قوة وكثرة وشدة عزم على ما يحاولونه ويقومون به- إلى أنه هو الذي أذلهم لا فرعون، أتبعه ما يدل عليه فقال: {الذين كانوا يستضعفون} أي يطلب ضعفهم ويوجد بالشوكة واجتماع الكلمة بحاكم قد تمكنت عظمته في القلوب التي الوهم غالب عليها، وهم بنو إسرائيل {مشارق الأرض} أي الكاملة لبركاتها {ومغاربها} أي أرض الشام من الفرات إلى بحر سوف: الموضع الذي خرجوا منه من البحر وغرق فيه فرعون وآله- كما مضى نقله في المائدة عن التوارة، يعني حكمنا بإيراثهم ذلك وأنجزناه لأبناء الذين خرجوا من مصر بعد إهلاكهم في التيه؛ ثم وصفها تغبطًا بها بقوله: {التي باركنا فيها} أي في أرضها بالمياه والأشجار والثمار والخصب، وفي أرزاقها بالكثرة والطيب، وفي رجالها بالعلم والنبوة وفي طباعهم بالاستقامة، وفي عزائمهم بالنجدة والشجاعة والمكارم، وفي جميع أحوالهم بأنه لا يبغيهم ظالم إلا عوجل بالنقمة {وتمت} أي وجدت صحتها لوجود مضمونها في عالم الشهادة وظهوره من ستور الغيب {كلمت ربك} أي المحسن إليك بإنزال هذه الأنباء على هذه الوجوه المفيدة مع إعجازها لغاية العلم والحكمة {الحسنى} مستعلية {على بني إسرائيل} أي التي هي أحسن الكلام وهي وعده سبحانه لهم بالخلاص من العبودية وإيراثهم مساكن آبائهم كما كانوا يسمعون من أسلافهم، وإذا استعلت عليهم منعت أعداءهم من الوصول إليهم {بما صبروا} أي بسبب صبرهم على الاستعباد وذبح الأولاد وما حصل بعد ذلك من طويل الأنكاد {ودمرنا} أي أهلكنا إهلاكًا عظميًا جعل يدمره كالرماد، لا خير فيه أصلًا {ما كان يصنع} أي صنعًا بغاية الإقبال عليه حتى كأنهم خلقوا لهم {فرعون وقومه} أي من الصنائع الهائلة المعجبة لكل من يراها أو يسمع بها مع أنهم قد مرنوا عليها فصارت أسهل شيء عندهم {وما كانوا} أي بما هو كالجبلة والطبع {يعرشون} أي من الجنان والقصور العالية الأركان، وكفى بهذه الآية حاثة على الصبر وضامنة على كل حائز للأجر بالتفريج عن المظلوم ونصره وإهلاك الظلوم وقهره.شرح ما يحتاج إلى شرحه هنا من التوراة الموجودة الآن بين أظهر اليهود، قال مترجمًا في الأصحاح الثالث من السفر الثاني ما نصه: وقال الرب لموسى في مدين: انطلق راجعًا إلى مصر لأن الرجال الذين كانوا يطلبون نفسك قد هلكوا جميعًا، فانطلق موسى بامرأته وبينه وحملهم على حماره وأخذ بيده عصا الرب، وقال الرب لموسى: انظر كل آية أجريتها على يدك فاصنعها أمام فرعون وأنا أقسي قلبه فلا يرسل الشعب وقل لفرعون: هكذا يقول الرب: ابني بكري إسرائيل، أرسل ليعبدني، فإن أبيت أن ترسل ابني فإني أقتل ابنك بكري، فلما صار موسى في الطريق في المبيت لقيه ملاك الرب فأخذت صفورا حجرًا من حجارة المروة فحشت غرلة ابنها وأخذت برجليه- وفي نسخة السبعين: ووقعت عند رجليه- وقالت: إن اليوم عرس الدم- تعني الختان، فقال الرب لهارون: اخرج فتلق أخاك في القفر، فخرج فلقيه في جبل الله في حوريب فعانقه وقبله، فأخبر موسى هارون بجميع قول الرب الذي أرسله فيه وما أمره من الآيات، وانطلق موسى وهارون، فجمع أشياخ بني إسرائيل، فقص عليهم جميع ما قال الرب لموسى، وحرج جرائح وآيات قدام الشعب- وفي نسخة السبعين: فجمعا مشايخ بني إسرائيل وتكلم هارون بجميع الكلام الذي كلم الله به موسى وعمل الآيات قدام الشعب- فآمن الشعب وسمعوا أن الرب قد ذكر بني إسرائيل وأبصر إلى خضوعهم، وجثا الشعب وسجدوا للرب، ومن بعد هذه الآيات والخطوب دخل موسى وهارون وقالا لفرعون: هكذا يقول الله رب إسرائيل: أرسل شعبي يحجون إلى القفر- وفي نسخة السبعين: ليعبدوني في البرية- عوض: يحجون إلى القفر، فقال فرعون: ومن هو الرب حتى أطيعه؟ لا أعرف الرب ولا أرسل بني إسرائيل، وقالا له: الرب إله العبرانيين اعتلن لنا، فننطلق مسيرة ثلاثة أيام القفر ونذبح الذبائح لله ربنا لكيلا ينزل بنا الحزن والوباء- وفي نسخة السبعين: لئلا يفاجئنا موت أو قتل- قال فرعون: ما بالكما تبطلان الشعب من أعمالهم؟ فأمر فرعون ولاة الشعب وكتبتهم وقال لهم: لا تعودوا أن تعطوا الشعب تبنًا لضرب اللبن كما كنتم تعطونهم، بل هم ينطلقون فيجمعون لأنفسهم التبن، وخذوهم بحساب اللبن على ما كنتم تأخذونهم به أمس وأول من أمس- ونسخة السبعين: في كل يوم لا تنقصوهم شيئًا من عملهم لأنهم بطروا لذلك يصيحون فيقولون: ننطلق فنذبح للرب إلهنا- فليشتد العمل على الرجال- ونسخة السبعين- فليتضاعف عمل هؤلاء القوم- حتى يهتموا به ولا يهتموا بكلام الباطل، فخرج ولاة الشعب وكتبتهم يما قال فرعون، فتقرق الشعب في جميع أرض مصر في جميع التبن، وجعل ولاتهم يلحون عليهم ويقولون: ارفعوا إلينا العمل كما كنتم ترفعون من قبل حيث كنتم تعطون التبن، فزادت كتبة بني إسرائيل وعوقبوا من الذين ولوهم عليهم وقالوا: لم لم ترفعوا إلينا حساب اللبن كما كنتم ترفعون، فأتى كتبة بني إسرائيل فشكوا إلى فرعون وقالوا: ما بال عبيدك يصنع بهم هذا الصنيع؟ فقال فرعون: أنتم قوم بطرون، تقولون: ننطلق لنذبح لربنا، فسار- أي الكتبة- في بني إسرائيل وقالوا لهم: لا تنقصوا من لبنكم شيئًا، بل ارفعوا إلينا كما كنتم ترفعون كل يوم، فلقوا موسى وهارون وهما واقفان أمامهم- وفي نسخة السبعين: وهما يجيئان نحوهم إذ خرجوا من بين يدي فرعون- فقالوا لهما: الله يحكم بيننا وبينكما لأنكما حرضتما علينا فرعون وعبيده حتى ضيق علينا بأن يضع السلاح فينا فيقتلنا، فرجع موسى إلى الرب وقال: يارب! لم أسأت بشعبك وأضررت به؟ لأني ساعة أن أتيت فرعون فذكرت اسمك أساء بهذا الشعب وشق عليهم وأنت تخلص شعبك، فقال الرب لموسى: الآن ترى ما أصنع بفرعون لأنه سيرسلهم- وفي نسخة السبعين: وسوف ترى ما أصنع بفرعون وكيف يرسلهم بيد منيعة وبذراع عظيمة يخرجهم من أرض مصر! أنا الرب الذي اعتلنت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب وسميت بإله المواعيد ولم أعلمهم اسم الرب- وفي نسخة السبعين: واسمي الرب فلم أظهره لهم- وأثبت عهدي أيضًا ووعدتهم أن أعطيهم أرض كنعان أرض غربتهم التي سكنوها؛ وقد سمعت ضجيج بني إسرائيل من تعبد أهل مصر، وأنجيكم من أعمالهم واخلصكم بيد منيعة وذراع عالية وبأحكام عظيمة، وأختصكم لي شعبًا وأكون لكم إلهًا، وتعرفون أني أنا الرب إلهكم الذي أخرجكم من تعبد المصريين وأقبل بكم إلى الأرض التي رفعت يدي لأعطيها آباءكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب وأجعلها لكم ميرثًا إلى الدهر، أنا الرب! فقال موسى لبني إسرائيل هذه الأقاويل فلم يسمعوا من موسى ولم يطيعوه من شدة حزنهم واستيقاد نفوسهم من الكد الشديد، وكلم الرب موسى وقال له: انطلق إلى فرعون ملك مصر وقل له فيرسل بني إسرائيل- من أرض مصر، فقال موسى للرب: إن بني إسرائيل لا يسمعوني ولا يطيعوني، وأنا أرتّ المنطق ثقيل اللسان فكيف يطيعني فرعون ويسمع مني! فقال الرب لموسى: انظر، إني قد جعلتك إلهًا لفرعون، وهارون أخوك يكون نبيًا عليك، أنت تقضي جميع ما آمرك به، وهارون أخوك يقول لفرعون- وفي نسخة السبعين: وهارون أخوك يكون لك نبيًا وأنت تتكلم بجميع ما آمرك به وهارون أخوك يكلم فرعون- ليرسل بني إسرائيل من أرضه وأنا أقسي قلب فرعون فأكثر آياتي وعجائبي بأرض مصر، فلا يطيعكما فرعون ولا يسمع منكما فأمد يدي على مصر وأخرج جميع جنودي وشعبي بني إسرائيل من أرض مصر بالأحكام العظام، فيعرف أهل مصر أني أنا الرب، فصنع موسى وهارون كما أمرهما الرب وانتهيا إلى أمره، وكان قد أتى على موسى ثمانون سنة، وكان ابن ثلاث وثمانين سنة إذ كلما فرعون، فقال الرب لموسى وهارون، إن قال لكما فرعون: أظهرا لي آية وجريحة، قل لهارون: خذ عصاك وألقها بين يدي فرعون فتكون تنينًا عظيمًا، فأتى موسى وهارون إلى فرعون فصنعا كما أمرهما الرب، فألقى عصاه- وفي نسخة السبعين: فألقى هارون عصاه- بين يدي فرعون وأمام أمرائه- وفي نسخة السبعين: وعبيده- فصارت تنينًا عظيمًا، فدعا فرعون بالحكماء والسحرة، فصنع سحرة مصر أيضًا بسحرهم كذلك، فألقى كل امرئ منهم عصاه فصارت تنينًا فابتلعت عصا هارون عصيهم، فقسا قلب فرعون وأبى أن يرسلهم كما قال الرب.
|